التحليل الأساسيتعليم الفوركس

التضخم الاقتصادي: أنواعه وأسبابه وآثاره وطرق علاجه

ما هو التضخم: تعريف التضخم الاقتصادي وتوضيح أسبابه وطرق علاجه

تعريف التضخم

يمكن تعريف التضخم الاقتصادي Inflation على أنه انخفاض القوة الشرائية لعملة الدولة وارتفاع أسعار السلع والخدمات. وهذا يعني أن الشخص سيحتاج الكثير من الأموال لشراء سلعة معينة. ومثال ذلك في الوقت الحالي “التضخم في فنزويلا” حيث يحتاج المواطن الفينزويلي 114 مليون بوليفار فنزويلي لشراء دجاجة واحدة.

لذلك يُطلق بعض الاقتصاديين على التضخم اسم “الأموال الرخيصة”. يمكن التوضيح أكثر بالمثال التالي: ب 10 دولارات في سبعينيات القرن الماضي، كان يمكن شراء 20 جالون بنزين، لكن نفس ال 10 دولارات في الوقت الحالي تكفي فقط لشراء 6 جالونات بنزين. هذا هو التضخم “انخفاض قيمة العملة” فنفس المبلغ تشتري به كمية أقل، أو نفس السلعة تشتريها بأسعار أعلى مع مرور الوقت.

أسباب التضخم الاقتصادي

في الاقتصاد، كلما فقدت العملة من قدرتها الشرائية زاد التضخم، والعكس، فعند زيادة القدرة الشرائية للعملة تنخفض معدلات التضخم. في حالة فنزويلا السابقة نجد أن تضخم الأسعار قد وصل إلى معدلات قياسية بلغت نسبة المليون في المئة أو حتى أكثر من ذلك، حيث ان القوة الشرائية للعملة تكاد تكون معدومة.

أيضاً يحدث تضخم اقتصادي في دولة ما، عندما يتجاوز عرض النقود معدلات النمو الاقتصادي. ومثال ذلك أن يزداد عرض النقود في السوق المحلي على الرغم من أن الاقتصاد ينكمش ويتباطأ، أو أن ينمو الاقتصاد مثلاً بنسبة 2%، لكن في المقابل يزداد عرض النقود بنسبة 20%.

قد تحتاج أن تقرأ أيضاً عن: أسعار الفائدة السلبية وتأثيراتها

ما هو التضخم الاقتصادي؟
في حالات التضخم تفقد الأموال قيمتها

أنواع التضخم

أصل التضخم هو ارتفاع الأسعار ووفقاً لهذا المنطق يتم تقسيمه إلى 3 أنواع كما يلي:

أولاً: تضخم الطلب Demand-Pull Effect

ويحدث هذا النوع عند زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات بوتيرة أسرع من معدلات الطاقة الإنتاجية. في هذه الحالة يكون الطلب أكثر من العرض، وهذا يقود بدوره إلى ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التضخم. ومثال ذلك ارتفاع أسعار النفط وتضخمها عندما تقرر الدول المنتجة للنفط خفض كمية العرض في الأسواق.

بشكل أو بآخر، أي حالة من حالات زيادة الطلب تقود إلى ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للعملة وبالتالي ارتفاع نسبة التضخم.

اقرأ عن: العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة

ثانياً: تضخم التكلفة Cost-Push Effect

وهو الذي ينتج عن زيادة أسعار المواد الخام التي تدخل في عملية الإنتاج، فهذا بدوره يقود إلى ارتفاع الأسعار النهائية للسلع والخدمات، وبالتالي زيادة نسبة التضخم.

ثالثاً: التضخم الداخلي أو المدمج Built-In Inflation

يرتبط هذا النوع بشكل أساسي بالتوقعات، فعند توقع ارتفاع الأسعار، تتوقع العمالة أيضاً ارتفاع الأجور لتسيير شؤون الحياة المختلفة. فإذا حدث بالفعل وتم رفع الأجور سترتفع الأسعار بشكل تلقائي، الأمر الذي يقود إلى إرتقاع نسبة التضخم.

من أهم أسباب تضخم الاقتصاد هو زيادة عرض الأموال في الأسواق، فهذا بدوره يشجع على المزيد من الإستهلاك وزيادة الطلب على السلع والخدمات، وهذا بكل تأكيد سيقود إلى ارتفاع الأسعار ومن ثم ارتفاع مستويات التضخم.

طريقة وكيفية حساب التضخم

يعتبر مؤشر أسعار المستهلكين CPI ومؤشر أسعار الجملة WPI وكذلك مؤشر أسعار المنتجين PPI من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تستخدم لقياس نسبة التضخم كما يلي:

أولاً: مؤشر أسعار المستهلكين (Consumer Price Index (CPI

وهو مقياس يدرس متوسط أسعار مجموعة من السلع والخدمات الأساسية والتي تشمل الغذاء والنقل والرعاية الطبية. يعتبر مؤشر أسعار المستهلكين هو المؤشر الأكثر استخداماً لقياس معدلات التضخم ويتم حسابه على أساس شهري.

الدولة تستهدف قيمة محددة لهذا المؤشر، بحيث يكون عندها نوع من التوازن بين قيمة العملة وأسعار السلع والخدمات بالنسبة للمستهلك.

ثانياً: مؤشر أسعار الجملة (The Wholesale Price Index (WPI

يعتبر من المؤشرات الشائعة لقياس نسبة التضخم، وفيه يتم تتبع متوسط أسعار السلع في مرحلة ما قبل البيع بالتجزئة. هذا المؤشر يتم حسابه أيضاً على أساس شهري وتستهدف الدولة فيه قيمة محددة، بحيث يكون عندها نوع من التوازن بين تكلفة السلعة والسعر الذي تُباع به بالنسبة لبائع الجملة .

ثالثاً: مؤشر أسعار المنتجين (The Producer Price Index (PPI

قريب إلى درجة كبيرة من مؤشر أسعار الجملة فهو يقيس تغيرات الأسعار بالنسبة لمنتجي السلع والخدمات. يتم حساب هذا المؤشر على أساس شهري، ويتم استهداف قيمة محددة يكون عندها نوع من التوازن بين تكلفة انتاج السعلة أو الخدمة والسعر الذي تُباع به بالنسبة للمنتجين المحليين.

مؤشر أسعار المستهلكين يقيس تغير الأسعار بالنسبة للمستهلك، بينما يقيس مؤشر أسعار المنتجين ومؤشر أسعار الجملة تغيرات الأسعار بالنسبة للمنتجين المحليين وبائعي الجملة.

تحاول الدولة والبنك المركزي من خلال أدوات السياسة النقدية، خلق حالة توازن اقتصادي تكون مُرضية لكافة مكونات المجتمع (المُنتج وبائع الجملة وبائع التجزئة والمستهلك).

آثار التضخم الاقتصادي: الرابحون والخاسرون

  • تعتبر معدلات تضخم الاقتصاد المرتفعة مثالية بالنسبة للبائعين، حيث سيدفع الأفراد أموال أكثر مقابل الحصول على منتجاتهم وخدماتهم. في المقابل تعتبر هذه الحالة غير مرضية بالنسبة للمستهلك الذي سيضطر لشراء نفس السلع لكن بسعر أعلى.
  • كذلك فإن ارتفاع معدلات التضخم تعتبر غير مرضية في حالات الإدخار، حيث أن الأموال تبدأ بفقد قيمتها تدريجياً مع الوقت. على الجانب الآخر فإن انخفاض نسبة التضخم تعتبر مثالية لهؤلاء حيث أن قيمة مدخراتهم ستزداد مع الوقت.
  • ارتفاع نسبة تضخم الاقتصاد تسبب كذلك حالة من عدم اليقين في الأسواق، وتمنع الشركات من اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة، كما تقود إلى تخزين السلع والخدمات بكميات كبيرة مخافة ارتفاع الأسعار. بالإضافة إلى ذلك فإن زيادة أسعار التضخم تؤدي إلى زيادة معدلات البطالة وتقود إلى تقلبات كبيرة في أسعار صرف العملات الأجنبية.

علاج التضخم الاقتصادي

  • يعتبر الإستثمار في الأسهم من أهم وسائل التحوط في حالات التضخم. فكما هو معلوم عند ارتفاع نسبة التضخم يقابل ذلك ارتفاع في أسعار المواد الخام وارتفاع تكلفة الإنتاج وأسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يقود بدوره إلى ارتفاع أسعار الأسهم.
  • بالإضافة إلى ذلك توجد مجموعة من الصناديق الإستثمارية المحمية ضد التضخم Treasury Inflation Protected Securities .هذه الصناديق تعتبر قليلة المخاطرة، حيث يتم زيادة القيمة المستثمرة فيها بنسبة تساوي مقدار الزيادة في معدلات التضخم. أي كلما زادت معدلات التضخم يتم زيادة رأس المال المستثمر في هذه الصناديق بنفس نسبة الزيادة في معدلات التضخم.
كيف يمكن التحوط ضد التضخم الاقتصادي؟
يعتبر التداول في الأسهم من وسائل التحوط ضد التضخم

علاقة التضخم بسعر الصرف

من المعروف أن تحسن الأوضاع الاقتصادية في دولة ما يقود إلى ارتفاع قيمة عملتها والعكس، حيث أن الركود الاقتصادي يعني مزيد من الإنخفاض في قيمة العملة. وبما أن تضخم الاقتصاد من أهم المؤشرات التي يمكن أن تستخدم لقياس الوضع الاقتصادي لدولة ما، فإنه من المهم لمتداولي الفوركس متابعة هذا المؤشر بشكل منتظم لما يملكه من تأثيرات قوية على أسعار الصرف.

تحدد الدول قيمة مستهدفة للتضخم، هذه القيمة تعتبر من وجهة نظر صناع السياسة النقدية هي الأفضل لخلق حالة من التوازن الاقتصادي. لهذا السبب فإن ارتفاع أو انخفاض مؤشر التضخم عن هذه القيمة يعتبر ليس جيد بالنسبة للإقتصاد، حيث سيكون ذلك في صالح بعض فئات المجتمع، لكن في المقابل سيسبب الضرر لفئات أخرى.

بشكل عام، يمكن القول أن اقتراب نسبة التضخم من القيمة المستهدفة يعتبر جيد بالنسبة للإقتصاد ويقود إلى إرتفاع قيمة العملة. لكن في حال كان هناك فرق واضح بين نسبة التضخم والقيمة المستهدفة، فهذا لا يعتبر جيد بالنسبة للإقتصاد ويقود إلى انخفاض قيمة العملة.

مؤشر التضخم يسبب في كثير من الأحيان تقلبات شديدة في سوق الفوركس، وقد يؤدي إلى تغييرات جذرية في تحركات واتجاهات أسعار الصرف، لذلك على المتداول أن يكون حذر وألا يدخل في أي صفقات قبل التأكد من نتيجة المؤشر وتأثيرها على السوق.

الانكماش الاقتصادي

عكس التضخم هو الإنكماش Deflation، وهو الحالة التي تزداد فيها القدرة الشرائية للعملة بشكل مبالغ فيه، بمعنى أن الشخص يستطيع أن يشتري الكثير من السلع بكمية قليلة من الأموال، وهنا تكون معدلات التضخم سالبة.

كلا الحالتين (التضخم والإنكماش) تعتبران ليس في مصلحة الاقتصاد، لهذا السبب تحاول الدولة والبنوك المركزية التدخل بعدد من الطرق للحفاظ على نوع من التوازن بين قيمة العملة وأسعار السلع والخدمات.

يعتبر مؤشرتضخم الاقتصاد ومؤشر أسعار الفائدة، من أهم المؤشرات الإقتصادية التي يتابعها المتداولون في سوق الفوركس، فهي تترك تأثيرات كبيرة على أسعار الصرف وقيمة العملة.

الخلاصة

يجب النظر إلى الاقتصاد على أنه وحدة واحدة، حيث ان العوامل والمتغيرات المختلفة تؤثر على بعضها البعض. لذلك عند دراسة الحالة الاقتصادية يجب النظر في جميع المؤشرات الاقتصادية ودراسة العلاقة بينها، والتعرف على تأثيرها.

هذا الأمر مهم جدا لمتداول الفوركس حيث يحتاج أن يأخذ نظرة شاملة على كافة المعطيات والمؤشرات الاقتصادية، كي يستطيع أن يكون نظرة حول طبيعة الاقتصاد، ويعرف إذا ما كانت الدولة تمر بحالة ازدهار أو ركود.

في الحقيقة هذا هو جوهرالتحليل الأساسي للأسواق المالية، ففي حال كان تقييم المتداول صحيح سيقود هذا إلى صُنع قرارات تداول تقود إلى تحقيق الأهداف من الإستثمار في أسواق تجارة العملات الأجنبية.

اقرأ عن: المؤثرات في قيمة وسعر الدولار و تأثير سعر الفائدة على الأسهم والسندات والنفط

يوسف أحمد

باحث اقتصادي حاصل على درجة الماجستير في الأسواق المالية، وطالب دكتوراة في الاقتصاد والعلوم المالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى