العملات الرقمية

هل العملات الرقمية نصب وكيف يتم تنظيمها

ما هي حقيقة العملات الرقمية وكيف يتم تحديد قيمة العملات الرقمية وأسعارها؟

هل البيتكوين والعملات الرقمية نصب؟

تعتبر تجارة العملات الرقمية من المواضيع الحديثة، ويرجع الظهور الأول لها إلى العام 2009 وهو العام الذي انطلقت فيه عملة البيتكوين. نجاح البتكوين والإقبال الشديد على شراءها نتج عنه ظهور العشرات بل المئات من العملات الرقمية الأخرى، لكن طبيعة عمل هذه العملات، وكونها لا تحتكم لبنوك مركزية تعمل على تنظيمها، أثار حولها الكثير من الشبهات، على وجه التحديد بعد الانفجار في اسعار و قيمة العملات الرقمية وتحقيقها لأرقام قياسية وعلى وجه التحديد البيتكوين.

معظم التساؤلات والشبهات حول العملات الرقمية كانت تأتي من خلال المقارنة بين العملات العادية والعملات الرقمية، مثلاً أسعار العملات مثل الدولار الأميركي واليورو وغيرها تتأثر بالظروف الاقتصادية لهذه الدول، فترتفع الأسعار عند التحسن في نتائج المؤشرات الاقتصادية والعكس. لكن الأمر بالنسبة للعملات الرقمية يختلف تماماً، فلا توجد مؤشرات اقتصادية ذات علاقة بالعملات المشفرة. لكن أليس يدعو هذا إلى الريبة؟

ما هي العوامل التي تؤثر على قيمة وأسعار العملات الرقمية؟

أولاً: العرض والطلب

العملات الرقمية كغيرها من الأصول المالية تحتكم لعوامل العرض والطلب، التي تُعتبر السبب الرئيسي للتغير في أسعارها. ارتفاع الطلب والإقبال الشديد على هذه العملات، في ظل كمية المعروض المحدودة كان سبب رئيسي في ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية. والحقيقة أن زيادة الطلب على العملات الرقمية له عدد من الأسباب التي ترتبط بالكثير من الإيجابيات التي توفرها.

فتكاليف اجراء التبادلات التجارية عبر الإنترنت بواسطة العملات الإلكترونية أرخص بكثير مقارنة بالعملات التقليدية، هذا عدا عن أنها أكثر أماناً وتخضع لتكنولوجيا عالية التقنية ومن الصعب تزويرها وسرقتها. العملات الرقمية أيضاً تحفظ خصوصية المعاملات من خلال إلغائها دور الوسيط بين البائع والمشتري، وبكونها لا تخضع لمراقبة البنوك المركزية والسلطات الحكومية.

اسباب التقلبات الشديدة في أسعار العملات الرقمية

ألا تُعتبر الإرتفاعات الكبيرة في قيمة هذه العملات ومن ثم الإنخفاضات الشديدة فيها مثاراً للشك؟

على سبيل المثال ارتفعت قيمة البيتكوين في أقل من عامين من مستويات حول ال 700 دولار إلى مستويات قريبة من ال 20.000 دولار، ثم عاودت الإنخفاض في أقل من عامين أيضاً إلى مستويات دون ال 3.000 دولار.

للوهلة الأولى يبدوا هذا غير منطقي، لكن بالإطلاع على تاريخ البيتكوين الممتد لحوالي 10 سنوات يستطيع أن يستنتج أن هذا الأمر طبيعي جداً، خصوصاً في ظل الأحكام والقوانين التي تفرضها بعض الدول لتقييد وحظر التعامل بهذه العملة، بالإضافة إلى نجاح مجموعات من الهكر في اختراق عدد من محافظ العملات الرقمية وسرقة مبالغ بملايين الدولارات.

هذه العوامل أدت إلى اضعاف العملات الرقمية وانخفاض أسعارها، لكنها بالتأكيد لم تتسبب في انهيارها، خصوصاً أنها عادت للإرتفاع مرة أخرى، فمثلا ارتفع البيتكوين من مستويات دون ال 3.000 دولار إلى مستويات قريبة من 11.000 دولار.

وهذا إن دل إنما يدل على أن العملات الرقمية، وعلى وجه التحديد العملات القوية والأكثر شهرة مثل البيتكوين والريبل والإيثريوم وغيرها قد نجحت في تثبيت نفسها في أسواق المال، وذلك من خلال التكنولوجيا العالية التي تعتمدها ومجموعة الإيجابيات التي تقدمها والتي ما زالت تفتح شهية الملايين لشرائها والإستثمار فيها.

أما التقلبات الشديدة في اسعار العملات الرقمية انما تخضع بشكل رئيسي لعامل العرض والطلب كغيرها من الأصول المالية الأخرى.

ثانياً: تكنولوجيا البلوك تشين

قيمة العملات الرقمية في الحقيقة هي تكنولوجيا البلوك تشين التي تعتبر من أكثر أنواع التكنلوجيا تطوراً حول العالم. كما أن قيمة العملات الرقمية تتحدد بما تضيفه من قيمة للناس ومعاملاتهم المالية والتجارية، فكلما استمرت العملات الرقمية في تقديم تلك الإيجابيات والتسهيلات التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية، والتي لم تستطع أن تقدمها العملات التقليدية، فهذا يعتبر بمثابة الضمان لاستمراريتها والمحافظة على قيمتها.

إذن تتحدد قيمة واسعار العملات الرقمية بالتكنولوجيا التي تتبعها، وبما تضيفه من قيمة في حياة الناس ومعاملاتهم.

هل يجب الاحتفاظ بنفس قيمة العملة الافتراضية من الذهب؟

بالنسبة لموضوع الإحتفاظ بما يقابل قيمة العملات الرقمية من الذهب، فهذا الأمر أصبح غير مجدي، وكانت القوى الاقتصادية الكبرى هي أول من نقضت هذا المبدأ. في العام 2008 عدما بدأت الأزمة المالية التي كانت سبباً لركود اقتصادي عالمي، أطلقت البنوك المركزي للدول الكبرى ما يعرف ببرامج التيسير الكمي.

في هذا الوقت بدأ الإحتياطي الفيدرالي ، والبنك المركزي الأوروبي بطباعة أموال دون الإحتفاظ بما يقابلها من الذهب، وهذا يعني أن قيمة تلك الأموال هو الورق والحبر الذي طبعت به، لذلك لو أردنا أن نقارن بين العملات الإلكترونية والعملات الورقية في ظل برامج التسهيل الكمي نجد أن قيمة العملات الرقمية أعظم وذلك لأنها تضيف قيمة أكبر لمعاملات لناس وتبادلاتهم التجارية عبر الإنترنت.

لم يعد الذهب هو المعيار الذي على أساسه يتم تحديد قيمة العملة
كان الذهب قديماً هو الذي يعطي القيمة لأي عملة

هذه هي الحقيقة فعلاً وبدون مبالغة، ولو ترك الأمر للناس مع المزيد من التنظيم للعملات الإلكترونية، بعيداً عن تدخل الحكومات والبنوك المركزية، لوجدنا أن العملات الرقمية في حال أفضل مما هي عليه الآن، ولوجدنا أن قيمتها السوقية تتعاظم يوماً بعد يوم.

لكن هذا لن يكون في صالح اقتصادات الدول العظمى التي تهيمن على حركة التجارة العالمية، فهذا سيفقدها مصدر مهم من مصادر قوتها وتحكمها في مجريات الأمور وهذا ما لا تسمح به.

هل يحق لمن يخترع العملة الالكترونية أن يصدر أي كمية يريدها وفي أي وقت؟

يعتبر هذا السؤال من ضمن أكثر الأسئلة التي تثار حول العملات الرقمية، والذي يعتبر مدخلاً لكافة المشككين بها، فهل يعقل أن تعمل الجهات التي أنشئت هذه العملات كبنوك مركزية؟

بالطبع لا، فكما ذكرنا أن أسعار العملات الرقمية تخضع لعامل العرض والطلب، ولو تُرك الأمر ليكون بهذه الطريقة لفقدت العملات الرقمية أهميتها وقيمتها، لهذا السبب تقوم الجهات التي تنشئ هذه العملات بتحديد الوحدات التي سيتم عرضها في الأسواق عند عملية الطرح الأولي للعملة ICO، أي قبل أن يتم ادراجها للتداول بشكل رسمي.

إذن الأمر ليس مزاجياً ولا يخضع لأمزجة الجهات المصدرة لهذه العملات، ولو أخذنا “البيتكوين” كمثال، وهي أشهر العملات الرقمية وأولها من حيث الظهور، لو جدنا أنه وعند طرح العملة لأول مرة، تم تحديد عدد وحدات البيتكوين ب 21 مليون وحدة.

لم يتم ضخ كامل عدد وحدات البيتكوين في الأسواق مرة واحدة، حيث أن الوحدات المتداولة حتى الآن تقترب من 18 مليون وحدة. أما بالنسبة لل 3 ملايين وحدة المتبقية، فهي أيضاً ليست ملك الجهة المصدرة، بل يتم استخراجها بواسطة عملية تسمى “التعدين الإلكتروني“.

كيف يتم تنظيم العملات الرقمية؟

مثال البيتكوين السابق يوضح كيف يتم تنظيم عمل العملات الرقمية من قبل الجهة التي تصدرها منذ اللحظة الأولى لإطلاقها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الجهات المصدرة أيضاً بتقديم مقترح مشروع كامل لتلك العملة في عملية الطرح الأولي ICO توضح فيه فكرة العملة، وطريقة عملها والتكنولوجيا المستخدمة، بالإضافة إلى القيمة التي ستضيفها إلى حياة الناس.

  • المتداولون والمستثمرون من خلال الإطلاع على ذلك المقترح، يستطيعوا أن يصنعوا رأي بخصوص العملة الرقمية، فإن كانت فكرة هذه العملة تستحق، ويُتوقع أن تكون لها مستقبل من وجهة نظرهم، سيقوموا بشرائها وتداولها مما يعزز من قيمة هذه العملة في سوق المال.
  • أما في حال كان مقترح مشروع العملة الإلكترونية يفتقد للكثير من التفاصيل، وفكرة عمل تلك العملة غير واضحة ولم تتحدد القيمة التي ستضيفها، في هذه الحالة لن تجد هذه العملة القبول بين المستثمرين والمتداولين، وهذا بالفعل حال العشرات من العملات الرقمية التي لا نعرف حتى أسمائها.

شرّعت بعض دول العالم قوانين تنظم العمل والتبادل التجاري باستخدام العملات الإلكترونية.

تعرف على: طريقة اختيار أفضل منصات العملات الرقمية ، وتعرف أيضاً بالتفصيل على عملة بيتكوين كاش

هل البيتكوين فقاعة؟

التقلبات الشديدة في اسعار العملات الرقمية وعلى وجه التحديد “البيتكوين” ارتفاعاً وانخفاضاً، قاد كثير من المحللين والإقتصاديين للقول بأن تلك العملات فقاعة وستنفجر قريباً، إلا أن التطور في عمل تلك العملات، وقدرتها على المحافظة على قيمتها منذ 10 سنوات تقريباً، وزيادة عدد مستخدميها يوم عن يوم يعكس غير هذه الصورة.

حفاظ البيتكوين على قيمته لأكثر من 10 سنوات يدلل على أن البيتكوين ليس فقاعة.
هل البيتكوين فقاعة؟

التهديد الوحيد الذي تواجهه تلك العملات والذي قد يجعل منها بالفعل فقاعة، هو أن تقوم دول العالم مجتمعة بتجريم هذه العملات ومنع التعامل بها، إلا أن الواقع يشهد غير ذلك، فكثير من الدول التي حظرت هذه العملات، عادت وسمحت باستخدامها وفق ضوابط معينة.

مستقبل العملات الرقمية

مستقبل العملات الرقمية مرهون بقدرتها على تلبية حاجات الناس وبإضافتها قيمة إلى معاملاتهم المالية والتجارية. فطالما كانت قادرة على خدمة حاجات الناس بشكل أفضل من العملات التقليدية، بالتأكيد ستزدهر هذه العملات شيئاً فشيئاً وستزداد قيمتها السوقية.

في الخلاصة، يمكن القول أن لا أحد يستطيع توقع ما سيكون عليه الحال في السنوات القادمة، لكن حتى وقتنا الحالي وفي المستقبل القريب، يُعتبر التداول في هذه العملات فرصة استثمارية مميزة. هذه الفرصة إذا ما تم الإستفادة منها فإنها ستكون مصدر مميز للدخل، لكن على العكس من ذلك إذا كان التداول في هذه العملات بغير وعي وبدون أهداف ستكون طريق سريعة لخسارة الأموال.

نحن في مدرسة التداول، سنبذل كل جهد، من أجل إطلاعكم على كافة التطورات والتحليلات الخاصة بالعملات الرقمية. “بنزاهة وبصدق وبعيداً عن التحيز”.

ترغب بالإستثمار في العملات الرقمية؟ تعرف بالتفصيل على طريقة شراء البيتكوين والعملات الرقمية و طريقة شراء البيتكوين والعملات الرقمية بالباي بال.

يوسف أحمد

باحث اقتصادي حاصل على درجة الماجستير في الأسواق المالية، وطالب دكتوراة في الاقتصاد والعلوم المالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى