الإقتصاد الإسلاميالعملات الرقميةمقالات متنوعة

حكم البيتكوين والعملات الرقمية: الآراء المختلفة ووجهة نظر كل فريق

ما هو حكم تداول العملات الرقمية وما هو حكم تعدين البيتكوين؟

مقدمة حول حكم البيتكوين والعملات الرقمية

العملات الرقمية بما فيها البيتكوين هي مجموعة من العملات الافتراضية التي تستخدم في التبادل التجاري عبر الإنترنت. كان البيتكوين هو أول تلك العملات ظهوراً في يناير من العام 2009. ساهمت القيمة المميزة التي أضافتها تلك العملات في زيادة شعبيتها وانتشار التداول فيها على نطاق واسع. هذا الأمر فتح باباً للتساؤل عن حكم بيتكوين والعملات المشفرة على اعتبار أنها من ضمن الأمور حديثة الظهور التي لم يسبق التعامل به.

تتسم الشريعة الإسلامية بمرونتها العالية وصلاحيتها لكل زمان ومكان وقدرتها على التعامل مع كل ما يستجد في حياة الناس، لهذا السبب وجدنا مجموعة من البحوث الفقهية التي بحثت الرأي الشرعي في تداول العملات الرقمية وحيازتها. ضمن هذا المقال سنعرض لكم الآراء المختلفة حول التداول بالبيتكوين والعملات الرقمية، هل هو حلال أم حرام؟ مع توضيح الحجج التي ساقها كل فريق.

وهنا يجب أن ننوه إلى أننا في مدرسة التداول ليس في موضع من يصدر الفتوى، فأهل العلم هم الأحق بذلك، نحن فقط نعرض الآراء كما وردت على لسانهم، والقارئ له الحرية فيما يختار على أننا لا نتحمل أمام الله أي مسؤولية عن هذا الخيار. هذا هو منهجنا في مدرسة التداول وهذه طريقتنا التي نتبعها في كل الأمور المشابهة، تماماً كما كان الحال في المقال الذي تناولنا فيه حكم التداول في الفوركس من وجهة نظر الشريعة الإسلامية.

حكم البيتكوين والعملات الرقمية

فيما يلي نعرض لكم حكم البيتكوين والعملات الرقمية من وجهة نظر العلماء والباحثين في مجال الاقتصاد الإسلامي، هذا وقد تم تقسيم تلك الآراء إلى مجموعتين، تناولت المجموعة الأولى الآراء التي قالت أن تداول البيتكوين والعملات الرقمية حرام مع توضيح العلة من التحريم.

أما في المجموعة التانية فسيتم تناول المجموعة التي قالت بأن تداول البيتكوين والعملات الرقمية حلال، مع توضيح الحجج التي ساقوها للخروج بهذا الرأي. نأمل في مدرسة التداول أن يكون هذا المقال بمثابة دليل لكافة الباحثين عن حكم التداول بالعملات الرقمية.

أولاً: الآراء التي قالت أن البيتكوين والعملات الرقمية حرام

1. فتوى دار الإفتاء المصرية

أصدرت دراء الإفتاء المصرية فتوى حرمت فيها التداول بعملة البيتكوين وعللت ذلك باشتمالها على المخاطرة والغرر والجهالة. في هذا السياق قال شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية “لا يجوز شرعاً تداول عملة البيتكوين والتعامل بها من خلال البيع والشرء والإجارة وغيرها، بل يمنع الإشتراك فيها لعدم اعتبارها وسيط مقبول للتبادل من قبل الجهات المختصة، ولما تشتمل عليه من الضرر الناشئ عن الجهالة والغرر والغش في قيمتها ومعيارها، فضلاً عما تؤدي إليه ممارستها من مخاطر عالية على الأفراد والدول.

الفتوى كما وردت في موقع دار الإفتاء المصرية

2. فتوى دار الإفتاء الفلسطينية

قالت أيضاً دار الإفتاء الفلسطينية بحرمة التداول في بيتكوين و العملات الرقمية وجاء في نص الفتوى ما يلي “مجلس الإفتاء الأعلى يحرم التعامل بالعملة الإفتراضية بيتكوين ، لاحتوائها على الغرر الفاحش وتضمنها معنى المقامرة، كما لا يجوز بيعها ولا شراؤها، لأنها ما زالت عملة مجهولة المصدر ولا ضامن لها، ولأنها شديدة التقلب والمخاطرة والتأثر بالسطو على مفاتيحها، ولأنها تتيح مجالاً كبيراً للنصب والإحتيال والمخادعات”.

نص الفتوى من موقع دار الإفتاء الفلسطينية

3. حكم البيتكوين هيئة كبار العلماء

قال عبد الله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية أنّ التعامل بالعملات الرقمية، مثل بيتكوين، يعتبر محرّماً وفقاً لما يراه، قائلاً إنّ العملات الرقمية لا تملك معنى “الثمنيّة”، وتعتبر من أكل أموال الناس بالباطل، وهي أشبه ما يكون بـ”صالة قمار” وعبارة عن مقامرة، وإن كانت ليس كالقمار الواضح. كما حذر عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبد الله المطلق، من التعامل بالعملة الافتراضية المشفرة “البتكوين”، نتيجة للمخاطرة الكبيرة جداً، قائلاً: نحذر من الدخول فيها لأن المال غالٍ والشرع حرّم إضاعته وأكله بالباطل.

الفتاوى كما وردت في موقع العربي الجديد و موقع وكالة الأناضول

ثانياً: الآراء التي قالت بجواز تداول البيتكوين والعملات الرقمية

من الآراء التي قالت بجواز التعامل بالبيتكوين والعملات الرقمية هو ما صدر عن منتدى الإقتصاد الإسلامي، وقد استدل أصحاب هذا الرأي بثلاثة أدلة كما يلي:

  1. الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص شرعي يحرّم ذلك.
  2. البيتكوين مال متقوم شرعاً بحكم ما آلت إليه في الواقع، حيث يمكن استخدامها في تملك غيرها من السلع والخدمات.
  3. البيتكوين يقوم بوظائف النقود أو العملات في الجملة على الرغم من عدم إصدارها من جهة حكومية، ولا يوجد حد إقتصادي أو شرعي للنقود يمنع من ذلك.

يمكن مطالعة نص هذا الحكم بالتفصيل كما ورد ضمن جريدة السبيل

ثالثاً: حكم البيتكوين المجمع الفقهي (دعوة للمزيد من البحث)

لم يستقر مجمع الفقه الإسلامي الدولي على رأي يقول بحرمة أو جواز التعامل بالبيتكوين والعملات الرقمية، ويمكن الإستدلال على ذلك من خلال قرارهم بشأن العملات الإلكترونية كما ورد على موقعهم الرسمي، والذي قالوا فيه “نظرًا لما سبق ولما يكتنف هذه العملات من مخاطر عظيمة وعدم استقرار التعامل بها؛ فإن المجلس يوصي بمزيد من البحث والدراسة للقضايا المؤثرة في الحكم”.

حكم شراء العملات الرقمية والتداول والاستثمار فيها

تنسحب الأحكام السابقة التي تناولت حكم البيتكوين والعملات الرقمية على شراء تلك العملات والاستثمار فيها، فمن قال بحرمة التعامل بتلك العملة مثل دار الإفتاء المصرية قالوا بعدم جواز تداول تلك العملة بالبيع والشراء والإجارة لآثارها السلبية على الإقتصاد وإخلالها باتزان السوق ولفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية اللازمة.

على النقيض، قال منتدى الإقتصاد الإسلامي الذي أجاز التعامل بعملة البيتكوين شراء تلك العملة والاستثمار فيها بالقول “لا مانع من شراء عملة البتكوين بالعملات الحكومية الأخرى أو قبولها في إجراء المبادلات السلعية. أو مبادلتها بالعملات الرقمية المشفرة الأخرى التي يثبت لها الحكم نفسه”.

اقرأ بالتفصيل عن “خطوات شراء العملات الرقمية ، و شراء العملات الرقمية بالفيزا

شراء عملات رقمية بالفيزا والماستر كارد
من قال بجواز البيتكوين قال أيضاً بجواز الشراء والاستثمار فيه والعكس

حكم تعدين البيتكوين

تماماً كما هو الحال فيما ذكرناه سابقاً عن حكم شراء البيتكوين والعملات الرقمية والاستثمار فيها، فالآراء التي حرمت التعامل بالبيتكوين، قالت أيضاً بعدم مشروعية تعدين البيتكوين أو التنقيب عنه، أما من قالوا بحواز التعامل بالبيتكوين فقد أجازوا تعدينه والتنقيب عنه، وفي هذا السياق ننقل لكم رأي منتدى الإقتصاد الإسلامي بالخصوص والذي يقول فيه:

لا مانع من المصادقة والتنقيب أو التعدين، بغرض الحصول على عملة البتكوين، سواء أكان بتملك الأجهزة والبرامج بشكل مباشر، أو الاستئجار من خلال شراء بطاقات تخول استخدام أجهزة طرف ثالث. أما عمليات الاستثمار في التنقيب من خلال المحافظ وتوكيل الطرف الثالث؛ فينظر في كل حالة حسب شروطها.

في النهاية نأمل أن نكون قد وفقنا في هذا المقال بما يحقق لكم الفائدة، مع تجديد التأكيد على أننا ناقلين فقط لآراء أهل العلم والفتوى وأننا لا نتحمل مسؤولية أخذ القارئ بأي من تلك الآراء، والله الموفق والمستعان وهو الهادي إلى سواء السبيل.

قد تحتاج أيضاً أن تتعرف على مجموعة من العملات الرقمية الأخرى مثل (دوج كوين ، كاردانو ، الريبل ، تيثر)

المصدر
بحث منشور على المجلة العملية dergipark

يوسف أحمد

باحث اقتصادي حاصل على درجة الماجستير في الأسواق المالية، وطالب دكتوراة في الاقتصاد والعلوم المالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى