توقعات سهم تسلا: هل أصبح فرصة شراء بعد انخفاض السعر إلى النصف؟
أسباب انخفاض سهم تسلا في 2022 والتوقعات المستقبلية
تكبد سهم تسلا (TSLA) خسائر حادة خلال تعاملات يونيو، حيث بلغت جملة تراجعات عملاق صناعة السيارات الكهربائية ما يقرب من 40% منذ بداية العام وحتى الآن.
وجاءت خسائر سهم تسلا بشكل رئيسي في إطار موجة التراجع الحادة التي مُنيت بها أسواق الأصول المرتبطة بالمخاطر، والتي كانت أكثر وضوحًا في أسواق الأسهم والعملات الرقمية. ولا توجد صعوبة في تفسير ما حدث، حيث ساهمت سياسات التشديد النقدي التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي في زيادة جاذبية أدوات الدخل الثابت.
الأدهى من ذلك هو أن الوتيرة غير المسبوقة لرفع أسعار الفائدة أثارت مخاوف من اندفاع الاقتصاد الأمريكي سريعًا إلى هاوية الركود، حيث كان البنك المركزي واضحًا في أن شاغله الرئيسي هو السيطرة على الأسعار وكبح جماح التضخم، حتى إذا أدى ذلك إلى التضحية بمعدلات النمو الاقتصادي.
اذا ألقينا نظرة على الرسم البياني في احدى منصات تداول الأسهم مثل easyMarkets ، سنلاحظ أن سهم تسلا قد أغلق عند 650$، وهو ما يعكس تراجعًا بنحو 45% عند مقارنته بالقمة القياسية التي سجلها في يناير عند 1243$. يتداول السهم أيضًا أسفل خط المتوسط المتحرك 200 عند 912$. خطوط الدعم التالية تتواجد عند القاع السنوي 625$، يليها خط الدعم الأفقي عند 540$. هناك أيضًا إِشارات على بلوغ مؤشرات الزخم مناطق التشبع بالبيع، ما يمهد الطريق لبعض المحاولات الصعودية حتى على الأقل في إطار تصحيحي.
برغم ذلك، يمكننا بوضوح ملاحظة أن خسائر تسلا كانت أكثر حدة من خسائر السوق ككل ومؤشراته الرئيسية. ففي الوقت الذي خسر فيه مؤشري S&P 500 وناسداك نحو 11% منذ بداية العام، خسر سهم تسلا كما أشرنا نحو نصف قيمته خلال نفس الفترة. يتطلب ذلك النظر في العوامل الجوهرية التي تبرر هذا الانخفاض الكبير.
أسباب انخفاض سهم تسلا
يعزي كثير من المحللين الانخفاض الكبير في سهم تسلا إلى المبالغة الشديدة في تقييم الشركة، حيث قفزت القيمة السوقية إلى أكثر من تريليون دولار في بداية هذا العام بفعل التفاؤل الشديد تجاه مستقبل تسلا والتحول المتسارع إلى المركبات التي تعمل بالطاقة النظيفة. كما جاءت هذه الارتفاعات القياسية في إطار المكاسب القوية التي سجلتها أسواق الأسهم في ظل سياسات التيسير النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية إبان فترة جائحة كورونا.
ويمكن الاستدلال على المبالغة في تقييم الشركة إذا نظرنا إلى أن مكرر الربحية (نسبة السعر إلى الأرباح) في هذا الوقت قد بلغ 200 ضعف وهي قيمة غير منطقية بالفعل حتى بعد ان بلغت إيرادات الشركة في الربع الأول 18.6 مليار دولار، بزيادة 81% على أساس سنوي.
التدقيق في المؤشرات التشغيلية لتسلا خلال الربع الثاني أظهرت أيضًا أن الشركة تواجه صعوبات لوجستية عميقة. على سبيل المثال، أجبرت القيود التي فرضتها السلطات الصينية في مقاطعة شنغهاي لاحتواء تفشي كورونا تسلا على تخفيض إنتاجها ليبلغ مجموع التسليمات نحو 250 ألف مركبة في الربع الثاني، وذلك مقارنة بالتقديرات السابقة التي رجحت هذا الرقم عند 350 ألف.
في سياق متصل، أظهرت تغريدات الرئيس التنفيذي إيلون ماسك أن الشركة تواجه صعوبات جمة ليس فقط على مستوى سلاسل التوريد في الصين، بل أيضًا مرتبطة بالقدرة الإنتاجية لمصانعها الجديدة في ألمانيا وتكساس. وقال ماسك أن هذه المنشآت “تحرق مليارات الدولارات” بسبب تكاليف التأسيس وانخفاض أحجام الإنتاج. وتعتمد تسلا على المصانع الجديدة في تحقيق هدف نمو الإنتاج البالغ 50% سنويًا. فبعد تسليم 936 ألف سيارة في 2011، من المفترض أن تقترب تسليمات العام الحالي من مليون ونصف مركبة.
توقعات سهم تسلا في النصف الثاني من 2022
بشكل عام، هناك توقعات إيجابية لسعر سهم تسلا خلال الشهور القادمة. سنحاول في السطور التالية استعراض العوامل التي تبرر هذا التفاؤل بإيجاز:
- برغم المصاعب التشغيلية التي تواجهها الشركة، تشير المؤشرات الأخيرة إلى تعافي ملحوظ في معدلات الإنتاج. على سبيل المثال، قام مصنع شنغهاي بتسليم نحو 79 ألف سيارة في يونيو، مقارنة مع 32 ألف سيارة في الشهر السابق. هناك أيضًا توسعات رأسمالية في المصانع الحالية، وإذا أضفنا إلى ذلك المصنعين الجديدين في ألمانيا والولايات المتحدة فقد تتمكن تسلا بالفعل من تسليم 1.4 مليون مركبة كما هو مخطط في 2022. برغم ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف الطموح سيتطلب بالضرورة عدم مواجهة الاقتصاد العالمي لمشاكل جديدة مثل موجة جديدة من تفشي كورونا أو عودة مشاكل النقل البحري واضطراب سلاسل التوريدات.
- الانخفاض الحالي في سعر سهم تسلا خفض بشكل كبير من مكرر الربحية، ليبلغ حاليًا 60 مقارنةً مع 200 كما أشرنا آنفًا. بلغت أرباح الشركة في الربع الأول 3.3 مليار دولار، ولكن من المتوقع أن تنخفض في الربع الثاني. وبرغم أن رقم مكرر الربحية المذكور لا يزال مرتفعًا مقارنةً بمقاييس الصناعة، ولكنه بالطبع أكثر جاذبية من نظيره في بداية العام، لذا سيكون السهم مغريًا للشراء على الأقل بالنسبة لهؤلاء الذين يؤمنون بمستقبل السيارات الكهربائية على المدى الطويل.
- هناك أيضًا تفاؤل بشأن زيادة إيرادات الشركة بعد رفع أسعار موديلات تسلا بأكثر من 5%. ويرى البعض أن ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري سيعزز من الطلب على السيارات الكهربائية ويبرر الزيادة المذكورة، حتى برغم أن سعر السهم قد انخفض بـ 9% تقريبًا فور الإعلان عن الأسعار الجديدة. هناك أيضًا عامل إيجابي يتثمل في تجزئة السهم مؤخرًا بنسبة 3-مقابل-1، وهو ما يجعل من إضافة أسهم تسلا إلى المحفظة الاستثمارية خيارًا أقل تكلفة للمشترين من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة.
تعرف بالتفصيل على: سوق الأسهم الأمريكي
خاتمة
كما نشير دائمًا، فإن قرار شراء السهم أو بيعه يعتمد بالدرجة الأولى على تحليلات المستثمر وقراره الشخصي. يستهدف الشرح السابق بالدرجة الأولى مناقشة بعض العوامل التي تبرر التوقعات الصعودية أو الهبوطية لسعر السهم، ولكنها بطبيعة الحال قابلة للصواب والخطأ، ناهيك عن تغير ظروف السوق ووقوع أحداث غير متوقعة. وعلى أية حال، سنحاول إيجاز ما شرحناه آنفًا في بضع أسئلة بسيطة لتبسيط الأمر.
هل يعتبر سهم تسلا فرصة شراء عند المستويات الحالية؟
تسلا هي أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم بحسب حجم المبيعات. تتضاعف القدرة الإنتاجية ومؤشرات الإيرادات والأرباح بوتيرة سريعة عامًا بعد آخر. تمتلك تسلا أيضًا ميزانية عمومية قوية حيث تظل مستويات الديون صغيرة نسبيًا على المدى الطويل في الوقت الذي يقابلها فيه فوائض نقدية كبيرة.
إلى أين سيتجه سهم تسلا في الربع الثالث؟
إذا ألقينا نظرة على توقعات بنوك الاستثمار لسهم تسلا، سنرى أن أغلبها يضع هدف لسعر السهم في الربع الثالث على حدود 950$، أي زيادة بأكثر من الثلث استنادًا إلى سعر الإغلاق الحالي. برغم ذلك، من المهم الإشارة إلى أن سيناريو الانعكاس الصعودي سيتطلب حدوث تحول مماثل في سوق الأسهم ككل، حيث من الصعب تخيل أن يرتفع سهم تسلا أو أي سهم آخر إذا ما انزلق الاقتصاد الأمريكي بالفعل إلى هاوية الركود، أو في السيناريو الأسوأ الكساد التضخمي، خلال الربع الرابع كما يتوقع البعض.
اقرأ أيضاً عن: أساسيات المضاربة في الأسهم