نفسية المتداول وتأثيراتها وأنواع المتداولين اعتمادًا عليها
نفسية المتداول ودورها في النجاح في الفوركس
نفسية المتداول وتأثيرها على القرارات الاستثمارية
إن الحقيقة الواضحة التي لا غبار عليها، أن العامل النفسي يترك تأثير على كامل تفاصيل حياتنا، الصغيرة منها والكبيرة، وينعكس هذا على القرارات التي يتخذها الإنسان سواء في حياته العائلية أو العلمية أو العملية. وبما أن موضوع تداول العملات أو التداول في الأسواق المالية العالمية له علاقة مباشرة بموضوع الأموال، فمن الطبيعي جداً أن تؤثر نفسية المتداول بشكل واضح وملموس على القرارات التي يصنعها.
في سوق الفوركس سيكون المتداول شديد أشد الحرص على تجنب الخسارة والحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح، لهذا السبب نجده متسمر أمام الشاشات يتابع تحركات الأسعار، ويراقب ما ستؤول إليه الصفقات التي قام بتنفيذها.
أسواق المال كغيرها من الأسواق تحتمل الربح والخسارة، ضف إلى ذلك أن واحدة من أهم خصائصها أنها شديدة التقلب. ولا تحكمها معادلات رياضية بحيث تكون إمكانية توقع الصعود أو الهبوط حتمية. لهذا السبب فإن خسارة بعض الصفقات أمر حتمي مهما كانت الخبرة التي يمتلكها المتداول.
هنا بالذات -في موضوع الخسارة- يظهر تأثير العامل النفسي على المتداول. فمن يمتلك القدرة على التحكم في مشاعره وأعصابه سيكون بكل تأكيد قادر على صنع قرارات تداول مجدية، والتعامل مع ظروف السوق مهما كانت. أما المتداول الذي لا يستطيع أن يضبط مشاعره وأعصابه، بالتأكيد سيقوده ذلك إلى قرارات خاطئة ستكون نتيجتها المزيد من الخسارة.
اقرأ أيضاً: الخسارة في الفوركس: أسبابها وطرق تجنبها
تأثير العامل النفسي على المتداولين
أولاً: تأثير العامل النفسي على المتداول الذي يتاجر بمال ليس ماله
بعض المتداولين يستدينوا مبالغ من المال ليتاجروا بها (يتاجروا بمال ليس مالهم). أمثال هؤلاء يكون هدفهم الأساسي من المضاربة في تجارة العملات هو توفير مصدر للدخل. وهنا يكون للعامل النفسي تأثير كبير، حيث سيكون طموح المتداول هو الحصول على أكبر قدر من الأرباح في أقرب فرصة ممكنة، وذلك لسداد المبلغ الذي قام باستدانته، ومن ثم البدء بالحصول على دخل منتظم.
في سوق الفوركس الطامة الكبرى هي استعجال الربح، الأمر الذي تكون نتيجته قرارات متسرعة كالدخول المبكر في الصفقات والتي قد تؤدي إلى خسارات لا تحمد عقباها.
في كل مرة نؤكد على أن الخسارة أمر طبيعي في سوق الفوركس، كما أن الكثير من الصفقات تدخل في الخسارة قبل أن تتحول إلى صفقة رابحة. لكن المتداول في الحالة السابقة الذي يعمل بمال لا يمتلكه، ستؤثر عليه أي خسارة حتى ولو كانت صغيرة وستسبب له الكثير من الخوف والقلق، وهذا بالطبع سيقود إلى قرارات خاطئة ستكون نتيجتها وبكل تأكيد خسارات متتالية تتركه في مزاج سيء جداً. وقد يصل به المطاف في نهاية الحال إلى خسارة كامل رأس مال حساب التداول.
كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
على المستثمر في الأسواق المالية العالمية ليس أن يعمل بماله فحسب، بل أن يعمل بمال زائد عن حاجته، بحيث لا تترك خسارة هذا المبلغ أي تأثير على حياته اليومية. اذا عمل المتداول بمال زائد عن حاجته سيكون لديه الكثير من الهدوء النفسي لاتخاذ قرارات تداول صحيحة، حتى لو لم يكن في عداد المحترفين.
ملاحظة: نفس الحالة السابقة تقريباً تنطبق على المتداول الذي يتاجر بماله الخاص، لكن هذا المال ليس زائد عن حاجته، وخسارته تؤثر على مجريات حياته اليومية.
ثانياً: تأثير العامل النفسي على المتداول قليل الخبرة
من عجائب سوق تداول العملات أنك تجد مجموعة من الأشخاص الذين لديهم أموال زائدة عن حاجتهم، وقد دفعتهم بعض الإعلانات -المبالغ فيها-على بعض مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لفتح حسابات تداول حقيقية في واحدة من شركات الفوركس وبدء التداول دون أدنى خبرة.
لا يمكن وصف هذه الحالة إلا أنها حالة من حالات الجهل الشديد وضرب من ضروب المقامرة والتي ستكون نتيجتها الحتمية خسائر سريعة.
الغريب أنك تجد أن هؤلاء المتداولين وأمثالهم بعد التجربة غير الموفقة التي مروا بها لا ينصرفوا عن التشكيك في سوق الفوركس وكيل الإتهامات لها جزافا بدون أدنى معرفة، كالإدعاء بأنها أسرع وأسهل طريقة لسرقة أموال الناس، وهذا في الحقيقة محض افتراء.
من غير المنطقي أن يكون أكبر سوق في العالم من حيث عدد المتداولين ومن حيث حجم السيولة “نصب واحتيال”، كما أن هذا السوق تتداول فيه حكومات وبنوك وشركات وأفراد، وقد نجح كثيرين في تحقيق أرباح معتبرة ودخل منتظم من خلال التداول.
كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
التعلم أولاً والتعلم ثانياً وثالثاً وأخيراً.
الأسواق المالية العالمية يتم تحليلها بطريقتين وهما التحليل الفني و التحليل الأساسي، وكل واحدة من هذه الطرق لها عشرات الأدوات والتقنيات وألفت فيها عشرات بل مئات الكتب، وكلما تبحر المتداول في على المعرفة أكثر كان لتجنب الخسارة وتحقيق الأرباح أقرب فأقرب.
ثالثاً: تأثير العامل النفسي على المتداول الطماع صاحب الخبرة
هذا النوع من المتداولين يمتلك المعرفة الكافية بأبجديات المضاربة في الأسواق المالية، ولديه دراية نوعاً ما بطرق التحليل المختلفة. لكن يدفعه الطمع لأن يكون قليل الصبر، الأمر الذي يدفعه للتسمر ساعات طويلة أمام الشاشات في محاولة استغلال أي فرصة. وهذا عدا عن أنه مشتت للوقت والجهد، هو أيضا وصفة مميزة للخسارة.
حيث أن التقلبات الشديدة في سوق الفوركس لا تحتاج من الإنسان أن يكون عديم الصبر، فالروية وانتظار اكتمال شروط الصفقة ونضوجها، واختيار نقطة الدخول والخروج المناسبة من أهم عوامل النجاح. كما أنه لا يفضل العمل في سوق تجارة العملات الأجنبية في كل وقت، فالأفضل للمتداول والأكثر أماناً أن يبتعد عن التداول وقت الأخبار القوية، والأحداث التي من المحتمل أن تحدث هزات شديدة في الأسواق والإنتظار حتى يتضح تأثير مثل هذه الأحداث.
كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
على المتداول أن يتحلى بالصبر وأن يبتعد عن الطمع ويدرك أن القناعة كنز لا يفنى، وهي من أهم مقومات النجاح أيضاً. عدا ذلك سيكون الفشل نتيجة حتمية مهما كانت خبرة المتداول، كما على المتداول أن يدرك أنه لن يحقق ثروة هائلة في صفقة واحدة وفي فترة قصيرة فهذا ضرب من ضروب الخيال وأن يكتفي بربح معقول، فالقليل على القليل سيصبح في نهاية المطاف كثير، وقليل دائم خير من كثير منقطع.
رابعاً: تأثير العامل النفسي على المتداول صاحب الخبرة ضعيف الثقة بالنفس
أمثال هؤلاء المتداولون في أغلب الأحيان يقوموا بتحليل السوق في معظم الوقت بشكل صحيح، لكن الخوف يكون رفيقهم في كل خطوة، فيترددوا كثيرا قبل الدخول في أي صفقة. هذا النوع من المتداولين عندما يرى أن نتيجة تحليله كانت صحيحة وأن عدم دخوله في الصفقة فوت عليه خسارة يصبح في مزاج سيء ويحاول بأي طريقة الدخول في أي صفقة لتعويض ما فاته من وجهة نظره.
لكن هذا في سوق الفوركس غير ممكن، فالإنجرار وراء العاطفة وملاحقة الشاشة لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون سبب من أسباب النجاح وتحقيق الأرباح.
كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
على المتداول الذي يمتلك من الخبرة أن يتخلص من الخوف طالما كان متأكد من التحليل وأن يدخل في الصفقة بعد التوكل على الله، وأن يضع أوامر وقف الخسارة وجني الربح المناسبة كضمان لتحجيم الخسارة لو حصلت لا قدر الله.
خامساً: تأثير العامل النفسي على المتداول المغرور
هذا النوع من المتداولين غريب عجيب، فهو يمتلك من الخبرة ما يكفي لتحقيق دخل وأرباح مميزة لكن يدفعه الغرور والثقة الزائدة بالنفس نتيجة لتنفيذ عدد من الصفقات الناجحة إلى التهور الذي لا يجدي نفعاً ومثال ذلك الدخول في صفقات برافعة مالية كبيرة طمعاً في المزيد من الأرباح.
لكن الحقيقة التي لا غبار عليها “أن الزائد عن حده ينقلب ضده”، فتقلب بسيط في أسواق المال مع استخدام رافعة مالية كبيرة أو الدخول في صفقات فل مارجن دون وضع أمر وقف الخسارة من شأنه أن يدمر كل ما فات، وأن يكون سبب لهلاك وخسارة حساب التداول بالكامل.
كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
إذا عُرف السبب بطل العجب كما يقولون، لذلك على المتداول أن يتخلص من الغرور مهما بلغ من الخبرة وأن يلتزم بإدارة رأس المال و إدارة المخاطر المالية.
سادساً: المتداول الناجح
وهو باختصار المتداول الذي يتجنب الأخطاء التي وقع فيها المتداولون الآخرون، فهو من جهة يتداول بمال زائد عن حاجته، وفي نفس الوقت لديه من الخبرة ما يكفي بأسواق تجارة العملات الأجنبية. هؤلاء المتداولون أيضاً لديهم ثقة بالنفس لا تصل حد الغرور، كما أنهم يتميزوا بالصبر ولا يدخلوا في الصفقات جزافا بل ينتظروا اكتمال شروط الصفقة ويختاروا نقطة الدخول والخروج المناسبة.
في نفس الوقت يتميز المتداول الناجح بالقناعة بعيدا عن الطمع، ويلتزم بإدارة رأس مال وإدارة مخاطر سليمة تقود في المحصلة إلى صفقات ناجحة وأرباح مجدية.
المتداولون الناجحون في سوق الفوركس لا تزيد نسبتهم عن ال 20% والجزء الأكبر مع الأسف يفشلوا باختيارهم، حيث لم يأخذوا بأسباب النجاح في هذه الأسواق ولم يتخلصوا من أسباب الفشل. والنجاح في هذه الأسواق ليس معجزة، لكنه يحتاج الكثير من الحكمة والصبر والمثابرة والتعلم.