أسباب الخسارة في الفوركس وطرق التعامل معها
أسباب الخسارة في التداول والبورصة
هل الخسارة في التداول أمر حتمي؟!
الخسارة في سوق الفوركس هي أمر حتمي مهما كانت مستويات الخبرة التي يمتلكها المتداول، هذا لأن هذا السوق بطبيعته يتأثر بالكثير من العوامل المتغيرة والمتقلبة، والتي لا يمكن لأي إنسان على الإطلاق أن يتوقعها بنسبة 100%. لكن الذي يميز المتداول الناجح عن غيره من المتداولين، هي قدرته على تنفيذ مجموعة من الصفقات، تكون الرابحة منها أكثر من الخاسرة بمعنى أنه يكون قادر في نهاية المطاف على الخروج بجزء من الأرباح.
في مقالات سابقة كنا قد تعرفنا على مجموعة من أسباب الفشل في تداول العملات أو في التداول في الأسواق المالية بشكل عام مثل الجهل وعدم الخبرة الكافية بطبيعة الأسواق المالية العالمية وطرق تحليها، بالإضافة إلى الطمع والتداول في أوقات التوتر النفسي، وعدم امتلاك الخبرة الكافية في إدارة المخاطر المالية وإدارة المحفظة الإستثمارية، وفي هذا المقال سندرس الأسباب المباشرة للخسارة في الفوركس وطرق تجنبها.
ما هي أسباب الخسارة في التداول؟
1. الدخول في عكس اتجاه السوق
في الحقيقة يدفع الطمع الكثير من المتداولين بما فيهم الخبراء إلى محاولة اقتناص أي فرصة في سوق الفوركس، فيمكثوا لساعات طويلة أمام الشاشات لمتابعة تحركات الأسعار، ويحاولوا الدخول مع الإتجاه ومع التصحيح للخروج بأكبر قدر ممكن من الأرباح. (تعرف على طريقة معرفة اتجاه السوق في الفوركس).
الحكمة تقول “أن الشيء الزائد عن حده ينقلب ضده”، ومثل هذا التصرف، حتما ستكون نتيجته الخسارة، لأن الذي يتصرف بهذه الطريقة يكون همه جمع أكبر قدر ممكن من الأموال في أسرع وقت ممكن، وهذا عملياً في سوق الفوركس صعب جداً جداً.
مثل هؤلاء المتداولين عندما ينفذوا صفقات خاسرة، يحاولوا تعويض الخسارة بأي طريقة ممكنة من خلال الدخول في صفقات أخرى، لكن العامل النفسي السيء بالتأكيد سيؤثر سلباً على قدرة المتداول وعلى تحليله لتحركات الأسعار، الأمر الذي يعني مزيد من الخسائر.
في الحقيقة هناك الكثيرين من المتداولين أصحاب الخبرة الذين خسروا معظم أو كامل رأس مالهم في فترة قصيرة بدافع الطمع والدخول مع الإتجاه والتصحيح. إذ أن أسواق تداول العملات لا يمكن ملاحقتها، بل على المتداول أن يتصرف بنوع من الحكمة، وأن يتأكد من الإتجاه ثم ينتظر الصفقة كي تنضج، ومن ثم الدخول وفق معطيات حقيقية صحيحة والتي ستكون نتيجتها حتماً إيجابية.
لو تصرف المتداول بهذا المنطق وبهذه الحكمة يستطيع بالفعل أن يخرج في نهاية المطاف بأرباح مجدية.
2. العجلة وقلة الصبر من أهم أسباب الخسارة في الفوركس
العجلة وقلة الصبر من أهم المشاكل ومن أهم أسباب الخسارة في تداول العملات وأسواق الفوركس، حيث أن أهم أسباب النجاح في الصفقة هو اختيار نقطة الدخول ونقطة الخروج المناسبة وفقاً لمعطيات التحليل الفني والتحليل الإقتصادي. لكن المتداول غير الصبور غالبا ما يدخل في وقت مبكر استعجالاً للربح، الأمر الذي يعني الكثير من الإنتظار حتى تتعدل الأمور، أو خسارة محققة في حال كانت المتاجرة برافعة مالية كبيرة.
دائما نقطة الدخول والخروج الجيدة هي أهم القرارات التي يجب أن يتقنها المتداول، فالقرار إن كان صائباً من البداية، بكل تأكيد ستكون نتيجته إيجابية مرضية. لذلك التأني والصبر هنا هو “مفتاح الفرج” انتظاراً لاكتمال كافة شروط الدخول في الصفقة بالإعتماد على قواعد ومبادئ التحليل الفني والتحليل الأساسي.
اقرأ أيضاً عن: الرافعة المالية ومصطلحات فوركس أخرى
3. الغرور
الغرور داء يُصاب به الكثير من المتداولين بعد تنفيذ عدد من الصفقات الناجحة وتحقيق جزء من الأرباح. أمثال هؤلاء لا يقوموا بسحب أرباحهم، بل يتعمدوا مضاعفة رأس المال حتى يصبح الهامش المتاح للتداول أكبر، ثم يدفعهم الغرور للدخول في صفقات بروافع مالية كبيرة طمعا في المزيد من الأموال ورغبة في مراكمة الثروة. (تعرف على مفهوم الهامش المتاح والتداول بالهامش).
هذا الأمر هو بداية الهلاك، فهم لا أرباح سحبوا ولا على رأس مالهم حافظوا، ثم تكون الخيبة والإنتكاس والحالة النفسية السيئة. العامل النفسي في التداول مهم جداً، والتداول في أوقات المزاج السيء من أهم أسباب الخسارة.
لذلك دائماً ما ننصح المتداولين الذين يبدأوا بتحقيق أرباح أن يسحبوها كاملة حتى يصلوا إلى مرحلة تعويض كامل رأس المال الذي أودعوه في حساب التداول. في هذه المرحلة يكون المستثمر يتداول بالأرباح التي حققها بعد سحب قيمة رأس المال، وهذا يعطيه الكثير من الراحة والطمأنينة التي تكفي لصنع قرارات تداول مميزة.
كذلك بعد أن يصل المتداول لهذه المرحلة ويقوم بسحب قيمة رأس المال، عليه ألا يترك كامل أرباحه في حساب التداول، بل من المفضل أن يسحب جزء منها ليستمتع بها ويشعر بعظيم النعمة التي من الله بها عليه، وله الخيار أن يترك جزء آخر في حساب التداول، لزيادة رأس المال وتقوية الحساب وزيادة درجة الأمان عند تنفيذ التداولات.
4. عدم استخدام أوامر التداول (وقف الخسارة وأخذ الأرباح)
يعتبر من المجازفة الدخول في صفقات بدون أمر وقف الخسارة وأمر جني الأرباح، ففي أي لحظة ممكن أن تحدث تطورات تقلب الأمور رأساً على عقب وتدمر حسابات بالكامل. لذلك أيضا فإنه ومن أهم أسباب تجنب الخسائر الكبيرة عدم الدخول في أية صفقات في أوقات الأحداث السياسية والإقتصادية الكبيرة، والتي من المتوقع أن تحدث ردات فعل عنيفة وتقلبات شديدة في الأسواق.
مثال ذلك ما حدث عندما خرجت بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، حيث انخفضت قيمة الجنيه الإسترليني بشكل كبير، وكما حدث أيضا عند تعويم الجنيه المصري الذي أدى أيضاً إلى انخفاض كبير في قيمة الجنيه المصري. العامل السياسي أيضاً يؤثر كثيراً على سوق الفوركس، حيث تتداخل العوامل السياسية والاقتصادية فيما يعرف بالاقتصاد السياسي.
في واقعة خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي يُذكر أن قيمة خسائر المتداولين في أسواق الفوركس والذين قاموا بالدخول في صفقات في هذا الوقت، قد بلغت مليارات الدولارات، وشملت شركات وبنوك ورجال أعمال ومتداولين صغار.
أسواق المال ليس لها كبير، ومن لا يأخذ بالحيطة ويبتعد عن المنطق والعقلانية في التداول فسيكون الهلاك نتيجته الحتمية. وسوق الفوركس لا يرحم أحد سواء كان كبيراً أو صغيراً، بنك أو شركة أو حكومة، ما لم يتم احترام منطق هذه الأسواق وطبيعتها.
لكن ماذا لو حدثت الخسارة بالفعل وأصبح حساب التداول يُستنزف شيئاً فشيئاً، هل من طريقة للحد من ذلك؟ الأمر هنا نسبي وطرق التعامل مع كل حالة يختلف عن الحالة الأخرى.
اقرأ عن: ساعات التداول في الفوركس وأفضل أوقات التداول
طرق التعامل مع الخسارة في التداول
أولاً: عند الدخول عكس اتجاه السوق برافعة مالية صغيرة
عند الدخول في صفقة عكس الإتجاه برافعة مالية صغيرة وفي حال كان هناك هامش متاح للتداول يكفي للدخول في صفقات جديدة. هنا يجب على المتداول أن يبحث عن فرصة مميزة، ويفضل أن تكون على أصل مالي آخر يختلف عن الأصل المالي السابق الذي يحقق خسارة في الوقت الحالي.
على سبيل المثال لو كان الدولار يرتفع وقام متداول بشراء اليورو مقابل الدولار، “بمعنى أخر باع الدولار” ثم بدأ زوج اليورو دولار بالانخفاض، دون أن يضع المتداول أمراً لوقف الخسارة. في مثل هذه الحالة يُفضل أن يتم شراء الدولار مقابل عملة أخرى، وكي تكون نسبة النجاح أكبر ُيفضل أن يتم البحث عن أكثر العملات ضعفا ويتم شراء الدولار مقابلها.
لنفترض أن الين الياباني ضعيف في هذه الحالة، عدا أن حركة الدولار مقابل الين أسرع مقارنةً بباقي العملات. هنا يكون من المناسب شراء الدولار مقابل الين، فبهذا الشكل يكون المتداول قد باع الدولار في صفقة خاسرة، واشترى الدولار في صفقة أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث نوع من التوازن في الحساب وتقليل الخسارة إلى أكبر قدر ممكن.
“تكون الأمور في صالح المتداول كلما كان ارتفاع الدولار مقابل الين، أكبر من انخفاض اليورو مقابل الدولار”
في النهاية يحتاج المتداول ان يمتلك من الخبرة ما يكفي لتحليل الإتجاه وتوقع تحركات الأسعار، حتى يستطيع أن يتعرف على الوقت المناسب للدخول والخروج من كل صفقة من الصفقات المفتوحة. عدا ذلك يعتبر تداول العملات ضرب من ضروب المقامرة والمغامرة.
مؤشر قياس قوة العملة
هناك مؤشر خاص لقياس قوة العملة سيتم تناوله بشيء من التفصيل في دروس لاحقة، كما أن معظم شركات الفوركس تقدم هذه الخدمة. يوجد أيضاً عدد من المواقع التي تقدم للمتداولين معلومات عن مدى قوة العملة خلال يوم التداول مقارنة بالدولار الأمريكي، واحد من هذه المواقع هو Finviz.
ثانياً: عند الدخول عكس اتجاه السوق برافعة مالية كبيرة
عند الدخول في صفقة عكس الإتجاه برافعة المالية كبيرة ولم يكن هناك أي هامش متاح لفتح أي صفقات أخرى، بحيث أن قيمة الحساب تقترب من الصفر شيئاً فشيئاً، في مثل هذه الحالة يكون أمام المتداول خيار من اثنين فقط، وهما الإيداع في حساب التداول وتحليل السوق بشكل صحيح والتعامل كما في الطريقة الأولى.
الطريقة الثانية هي الدخول في صفقة على نفس الأصل المالي لكن في اتجاه معاكس للصفقة الأولى. لنفترض مثلاً أن متداول ما قيمة رأس مال حسابه هي 1.000 دولار، وقام بدخول صفقة ما برافعة مالية كبيرة (1لوت مثلا 1.0)، فهذا يعني أن خسارة 100 نقطة Pip تعني مرجنة الحساب وخسارة كامل رأس المال، وهذه في منطق أسواق المال مخاطرة كبيرة، إذ من الممكن أن يتحرك السوق ال 100 نقطة خلال دقائق معدودة.
هذا المتداول لو قام بشراء زوج الإسترليني دولار مثلاً بالرافعة المالية التي ذكرناها، وبدأ الإسترليني دولار بالإنخفاض حتى 75 نقطة، “هنا تكون خسارة المتداول 750 دولار”، وفي هذه الحالة لا يكون هناك أي هامش متاح للتداول والدخول في صفقات جديدة. حتى لو كان هناك أي هامش متوفر فيعتبر الدخول في أي صفقة جديدة هو أقصر وأسرع طريق نحو مرجنة الحساب. إذن ما هو الحل؟
الحل هو كما ذكرنا الدخول في صفقة بيع للإسترليني مقابل الدولار بنفس قيمة صفقة الشراء (1.0 لوت). في هذه الحالة يكون لدينا صفقة شراء وصفقة بيع على نفس الزوج، وهذا يعني أننا أوقفنا نزيف الخسارة. لكن وحتى تتم إدارة الصفقة بشكل صحيح يجب أن يمتلك المتداول خبرة كبيرة يستطيع من خلالها توقع الإتجاه بشكل صحيح.
فلو كان الإتجاه هابط عليه أن يتوقع بدقة متى يبدأ التصحيح “الصعود المؤقت” ومتى ينتهي؟ عند بداية التصحيح على المتداول أن يغلق صفقة البيع وينتظر نهاية هذا التصحيح للدخول في صفقة بيع مرة أخرى. صفقة البيع التي تم إغلاقها يكون المتداول قد حقق منها ربح، هذا الربح يجب الإستفادة منه في إغلاق جزء من صفقة الشراء بحيث تكون النتيجة في المحصلة صفر.
مثلا لو كان نتيجة صفقة البيع هو ربح 20 نقطة (200 دولار) وكان حجم الخسارة في صفقة الشراء قد وصل إلى 1000 دولار. يقوم المتداول بإغلاق ما مقداره (0.20 لوت وهي تساوي 200 دولار في هذه الحالة) من قيمة صفقة الشراء لتصبح قيمة العقد 0.80 بدلاً من 1 لوت. بهذا الشكل يكون قد استفاد من ربح صفقة البيع “200 دولار” في تقليل 200 دولار من الخسارة في صفقة الشراء. يستمر المتداول على هذه الشاكلة حتى يصل إلى مرحلة تعويض كامل الخسارة وإغلاق كامل الصفقات المفتوحة.
تشبه هذه الطريقة استراتيجية من إستراتيجيات التداول تسمى “الهدج” ، سنأتي للتفصيل بها لاحقاً.
استراتيجية الهدج صعبة جداً ونسبة نجاحها لا تتعدى 10%
في الحقيقة تعتبر هذه الطريقة صعبة جداً، عدا ذلك تحتاج من المتداول أن يكون في قمة الإحتراف حتى يستطيع أن يتتوقع متى يبدأ الإتجاه ومتى ينتهي ومتي يبدأ التصحيح ومتى ينتهي. كما يحتاج أن يكون المتداول في قمة الهدوء وضبط النفس حيث أنه ليس من السهل العمل في ظل خسارة كبيرة في قيمة الحساب، فهي ترهق النفسية بشكل كبير وتقود في كثير من الأحيان إلى قرارات خاطئة. لذلك فإن نسبة النجاح لا تتعدى ال 10% لكنها تبقى محاولة بدلاً من خسارة كامل رأس مال الحساب.
في مثل هذه الحالة أيضا هناك حل آخر أمام المتداول وهو أن يقوم بإيداع مبلغ من المال بعد فتح الصفقة المعاكسة ليوقف نزيف الخسارة ومن ثم يبدأ فتح صفقات جديدة بشكل منطقي وعقلاني في نفس اتجاه السوق، ومع كل ربح يحققه يقوم بإغلاق جزء من الصفقتين المتعاكستين وصولاً إلى إغلاق كامل الصفقتين.
نصيحة للمتداولين لتجنب الخسارة في التداول والفوركس
لماذا كل هذا التعب؟ ولماذا الوصول إلى هذه المرحلة التي تتعب النفسية وترهق الإنسان وقتاً وجهداً؟ حيث المكوث لساعات طويلة أمام الشاشات لمتابعة تحركات الأسعار والتفكير طويلا فيما سيحدث وكيفية التصرف “فدرهم وقاية خير من قنطار علاج”.
لذلك إن كان ثمة نصيحة للمتداولين في أسواق الفوركس والأسواق المالية العالمية فهي الإلتزام دائماً وأبداً بأوامر وقف الخسارة وجني الأرباح. ومن المهم جدا للمتداول أن يقوم بتحريك أمر وقف الخسارة نحو نقطة الدخول إذا بدأت الصفقة بالدخول في الربح، حيث أن معظم شركات الوساطة المالية تسمح للمتداولين بتحريك أوامر وقف الخسارة بعد أن تتحرك الأسعار بمقدار 10 نقاط.
بهذا الشكل يكون المتداول على قدر كبير من الإطمئنان، فإذا حدث وانعكس الإتجاه، سيكون مصير الصفقة أن تصطدم بأمر وقف الخسارة عند نقطة الدخول بدون أية خسائر تُذكر. في مثل هذه الحالة يعود المتداول للدخول في صفقات جديدة وهو مطمئن البال، ويكون أقدر على تحليل السوق بصورة موضوعية، بعد أن يتعرف أكثر على واقع السوق وطبيعة التحركات الحالية.
لا يمكن أن ينجح المتداول في تجنب الخسارة بالطرق التي ذكرناها سابقاً، إلا إذا كان لديه ما يكفي من الخبرة لتحليل السوق واتجاهات أسعار العملات والأصول المالية بدقة كبيرة. وإلا فإن الطرق السابقة ستكون أيضا ضرب من ضروب المغامرة التي لا تحمد عقباها والتي لن تجدي نفعاً، بل بالعكس ستكون أيضا طريق سريعة نحو الخسارة.
- (تعلم وتعلم وواصل التعلم)
- (تعلم أن تضبط نفسك وأن تعودها الصبر وأن تعلمها أن القناعة كنز لا يفنى)
- (وقف الخسارة أولاً، ووقف الخسارة ثانياً، ووقف الخسارة أخيراً)
اقرأ أيضاً: (شرح الشموع اليابانية بالصور ، تداول الذهب عبر الانترنت ، تداول النفط عبر الانترنت ، العوامل المؤثرة على قيمة اليورو)